المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الجامعة في فكر الإمام القائد >> إهداء لكل جامعي


* بنت الهدى*
08-09-2010, 02:09 PM
اسلام تايمز : تنطلق هذه الدراسة من ملاحظة عن قرب لواقع العمل الإسلامي في جامعاتنا، والتي استمرت منذ أيام الدراسة الجامعية قبل أكثر من ثلاثة عشر سنة، وتراكمت معطياتها بمرور السنوات التي جمعتني بشرائح واسعة من طلاب الجامعات عبر اللقاءات العلمية والمحاضرات الفكرية أو الصداقة القريبة لعدد كبير منهم ممن أضحى اليوم عاملاً في الساحة الكبيرة للحياة.

الجامعة في فكر الإمام القائدوإذا أردنا أن نقتصر في دراستنا هذه على المشاكل والهموم والنقائص التي تعاني منها الساحة الجامعية، فإن المسألة الأولى التي تبرز على هذا الصعيد هي أن العمل الجامعي ما زال يعيش الكثير من التردد، ويعاني من انحسارات شبه دائمة تشبه المد والجزر على مستوى الحركة والإنجازات. هذا، بالرغم من أن ساحة الجامعة تنطوي على خيرة الشباب من حيث الإيمان والاندفاع والتضحية.
لم تشهد حركة العمل الجامعي مسيرة تكاملية تليق بها، أو تواكب شيئاً ما الإنجازات الكبيرة في الميادين الأخرى. بل كانت دوماً أقرب إلى التأثر منها إلى التأثير. كما أن الإنجازات اللامعة التي تتحقق فيها من حين إلى آخر لا تضاف إلى سابقاتها بحيث تتحول إلى تجربة متراكمة تغتني مع مرور الزمن لتتبلور في النهاية بصورة مؤسسة راسخة الجذور وارفة الأغصان.
ولا شك أن لبعض العوامل الموضوعية دخلاً في الأمر، إلا أننا لا نتحدث هنا عن تجربة الأشخاص أو إنجازات الأفراد، بل الطموح ناظر إلى تشكيل ما يشبه المؤسسة التي تجمع التجارب من جهة، وتراكمه بطريقة تتحول مع الزمان إلى مشروع تُستلهم منه الأساليب الحكيمة والمناهج العملية المناسبة، ويرفد الأمة بالطاقات الفاعلة القوية على طريق تغيير المجتمع ونظامه الاجتماعي.
إننا لن نجد ساحة كالساحة الجامعية بكل تفاصيلها من حيث الإمكانيات والطاقات الكامنة والأرضية الخصبة للاستقطاب والعطاء والامتداد والتغيير.
فإذا كانت الأرضية خصبة والموارد متاحة، فلماذا لا تكون النتائج متناسبة مع الامكانات؟!
ولماذا لم تتحول الجامعة إلى لعب دور يتناسب مع الدور الكبير للمقاومة؟
مشكلتنا في بعض الأحيان هي أننا لم ندرك حجم الدور الذي يمكن أن تؤديه الجامعة على مسرح حياة المجتمع. ولهذا قد نجد في الأسئلة المتقدمة نوعاً من المبالغة. ولكننا عندما نرجع إلى كلمات الإمام الخميني "قدس سره" وسماحة الإمام القائد "دام ظله" نكتشف إن للجامعة دوراً خطيراً في رسم مصير البلد بأسره.
ولقد كان هذا الدور المصيري موجوداً دائماً. إلا أنه في بلادنا كان مصيراً ضبابياً سطحياً طائفياً. فالجامعة أقيمت لتكريس العقلية الطائفية والسياسة السياحية والخدماتية وقتل الروح الإبداعية في وطننا، وقد أنجزت المهمة بحجم كبير. ولهذا لم يعد للجامعة في مخيلتنا أية صورة مشرقة أو موقعية أساسية.
إن الجامعة التي تكون تابعة لحكام يعيشون الطائفية في كل ممارساتهم وسياساتهم، هي جامعة ميؤوس منها لصناعة غد عزيز.
وإن الجامعة التي تهيمن عليها مجموعة من الأساتذة الذين وصلوا إلى مواقعهم من خلال المحاباة الطائفية ـ لن يتمكنوا من التخطيط لدور تطويري تكاملي لمجتمعهم ـ هي جامعة تبعث على اليأس والملل وقتل الإبداع.
فالجامعة هي التي تُناقَش فيها هموم البلاد وقضايا المجتمع الأساسية وتطرح الحلول والمشاريع الإنقاذية، وتقدم الدراسات العميقة والميدانية التي تضع الأصابع على الجروح، فتنوّر المجتمع، وتجعل أبناءه متحسسين لمصيره ومستقبله.
ولو وجِّهت الطاقات الجامعية نحو الدراسات والأبحاث التي تفيد المجتمع وتتناول شؤونه الأساسية لتشكلت عبر السنوات طبقة واسعة من الذين يدركون واقعه ويعملون على تغيير نظامه السياسي ـ الاجتماعي المختلف.
ولكن كيف يجرؤ الأستاذ المشرف على الدراسات والأبحاث على توجيه طلابه نحو النتائج التي تفضح أولياء نعمته ومن كانوا سبباً في تعيينه في منصبه.
وهكذا تتشكل الفئات الجامعية وهي منحرفة عن المسائل الإسلامية غير مبالية بمصير المجتمع، لتتحول إلى عقلية سائدة تضفي على الجامعة لونها القاتم ودورها الضبابي.
فالجامعة تشبه الساقية التي يكمن أن تكون مندفعة في قلب الصحراء والبوادي الجرداء، فلا ينتفع منها أحد. وقد تسيل على أرض مزروعة فتخربها. ولكنها إذا اتصلت بمشروع الإصلاح، فإنها تصبح نهرا ًعظيماً يحيي أرضاً بأكملها.
إن ما نحتاجه ـ والحال هذه ـ هو المشروع الذي يمكن أن يستنقذ الجامعة من المشكلات الكبرى التي وقعت فيها. وفي المراحل الأولى نحتاج من المشروع إلى ما يعطي العمل الإسلامي في الجامعة صفة الحركة التكاملية الهادفة التي تستطيع أن نستنقذ ما يمكن إنقاذه من الطلاب الجامعيين الذين يدخلون إلى الجامعة وهم في مرحلة العطاء الأفضل. وعملية الإنقاذ ـ إذاً صح التعبير ـ لا تنحصر في إطار الحد من تأثير الفساد الأخلاقي المستشري في الجامعة والمجتمع، بل تمتد لتشمل الأبعاد العلمية والثقافية والسياسية والعملية.
إن مثل هذا المشروع، حتى يكتب له النجاح والاستمرارية، ينبغي أن يتشكل من عناصر فكرية أساسية. وبعبارة أخرى، يحتاج إلى رؤية شاملة للقضايا الجوهرية، وامتلاك الأجوبة الواضحة، العميقة، المنسجمة فيما بينها، عن الأسئلة المصيرية المتعلقة بالجامعة والحياة .
ولا شك بأن ما نبحث عنه موجود في الإسلام الذي جاء لهداية الناس في كل مجالات الحياة وشؤونها. إلا أن هذا الدين الذين حُفظ في النصوص الشريفة (القرآن، والسنة المترجمة في الأحاديث)، تعرّض لعمليات تفسيرية مختلفة. أصيب بعضها بالانحراف، أو النقص والرؤية المبتورة التي لم تر فيه سوى المجالات الضيقة أو الفردية. إلى أن جاء ذلك العالم الرباني والعارف الفقيه الأوحدي، وقدم لنا الرؤية الأصلية للإسلام المحمدي في مشروع النهضة الكبرى، والإصلاح الاجتماعي الشامل.
ولأول مرة يتعرف الناس إلى الإسلام بصورته الكلية الشاملة العميقة المتصلة بالحياة ومصير المجتمع ونظامه السياسي ـ ويرون فيه الإحياء الذي روحه: {يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم}، فيجري الدين في عروق وشرايين المجتمع.
وقد عرفت هذه الرؤية الشاملة الحيّة المتحركة التي أسسها الإمام الخميني "قدس سره" "بنهج الإمام". واجتمعت عناصره القوية المؤثرة حول محور ولاية الفقيه، أو حاكمية وقيادة الفقيه الجامع للشرائط. وهكذا، لم يتوقف النهج عند حدود تقديم النظرية والتفسيرات العملية، بل أنزل كل ذلك إلى متن الحياة من خلال مشروع إحيائي في كل المجالات. وكانت الجامعة في صلب هذا المشروع، لما تمثل من دور مصيري واستراتيجي.
حظيت الجامعة بنصيب وافر من التوجيهات والإرشادات، يمكن أن تشكل بمجموعها ذلك المشروع الذي نبحث عنه بمراحله المختلفة. وليس علينا إلا أن نرجع إلى من مثّل ويمثّل هذا النهج الأصيل، وندرس كلماته ونتباحث فيها لنتعرف على الأدوية لكل مشاكلنا وقضايانا.
وخلاصة الكلام أن ما نحتاج إليه بالنسبة للعمل الجامعي أمور أساسية هي:
1ـ إن ندرك عمق دور الجامعة المصيري.
2ـ أن ندرك طبيعة المشكلات التي تعاني منها الساحة الجامعية.
3ـ أن نبحث عن المشروع الكلي لحل هذه المشكلات.
وبهذه الطريقة، نصبح مستعدين جيداً للاستفادة العميقة والمطلوبة من نهج الإمام الخميني الذي يحرسه ويتابعه سماحة الإمام الخامنئي (دام ظله).
يقول سماحته:
"إن خط الثورة هو خط الإمام الذي هو خط الإسلام النقي الأصيل وخط القرآن الذي ينبغي مواصلته والالتزام به بشكل تام" (نهج الإمام في بيان القائد ـ ص77).
"إن التطلعات التي أعلنها الإمام هي أسمى التطلعات وأعلاها وأقدسها وأننا سنواصل السعي الحثيث لبلوغها، فهي تطلعاتنا أيضاً" (ن.م. ص78).
"... إن عصر الإمام الخميني مستمر وخالد، وسيبقى مستمراً دوماً، فنهجه نهجنا، وهدفه هدفنا، وإرشاداته المشعل الوضاء الذي ينير لنا السبيل" (ن.م. ص94).
افتقدت ساحتنا، ومنذ انبعاث نور الخميني المقدس فيها، إلى دراسات منهجية تعني بهذا المجال الحساس، وتبحث حول المنهج الكلي الذي يُستنبط من كلمات وتوجيهات الولي ومشروعه الاستنهاضي. ولهذا السبب، ظلت أسيرة للكثيرة من التفسيرات الخاصة، أو بقيت ترتوي من منابع مختلفة. وأدى ذلك إلى عدم تبلور المشروع الشمولي في الجامعة وغيرها نم الساحات والميادين.
ولا شك بان هناك من يوافق ويؤيد هذا الكلام تأييداً تاماً. كما إن هناك من يرفضه ويعترض عليه. لسنا هنا في صدد تقسيم المهتمين بهذا الشأن إلى متفائلين ومتشائمين، ولا إلى يسار ويمين. ولكن لكل شواهده المنطقية التي تنطلق من رؤيته لدور الجامعة وموقعيتها في المجتمع.
المتفائلون يعتبرون أن العمل الجامعي قد خطا خطوات أساسية، لأنه ينطلق من الارتباط الواضح بالولاية. وهذا أهم ما يمكن أن يتحقق في ساحة تكون عرضة للتجاذبات الفكرية والسياسية الواسعة. أي أن العرش قد شيد، وبقي النقش.
والمتشائمون يرون هذا الارتباط أمراً عادياً لأنه تحقق من واقع خارج الجامعة. وهو يمارس من جهة الأفراد الذين هم أبناء مجتمع الولاية. أما على مستوى العمل الجامعي، فلم تتشكل الهوية والشخصية الذاتية له. وإن ما يحدث فيه هو مجرد أنشطة، تقوم بها مجموعة من الشباب المنسجمين فكرياً وسياسياً. وإن هذه الأنشطة ـ في معظم الأحيان ـ لا تمت إلى الساحة الجامعية بما هي جامعية بصلة. فالجامعة مكان العلم والبحث والاستفادة من المعارف والدراسات، وهي المكان الذي ينبغي أن يخرّج المهارات التي تصب في الحاجات الأساسية للمجتمع. والعلم الجامعي ينبغي أن يتركز على دراسة حاجات المجتمع وتوجيه الطلاب للاستفادة القصوى من الجامعة من أجل سد هذه الحاجات. وليست الجامعة مكاناً لإقامة الأدعية والمهرجانات والانتخابات فحسب.
ويعكس هذا النقاش الباطني، الذي لا يدور بشكل علني وفني مكانه الطبيعي، حجم الافتقار إلى ما أطلقناه عليه: المشروع الكلي للعمل الجامعي الذي ينطلق من خط الولاية ونهج الإمام.
ولعلنا نجد نقطة يمكن البدء منها، وهي تختصر مسافات طويلة ونقاشات صعبة ومعقدة، هي تثبيت موقعية ودور الولي في العمل الإسلامي.
فأول عمل ينبغي أن نقوم به على هذا الطريق هو ترسيخ مبدأ ولاية الفقيه في العلم الجامعي. بحيث يصبح الولي هو المرجع للقضايا والملهم للتحركات والموجه للمشاريع. بل يمكن القول أن المشروع الأول الذي ينبغي العمل عليه هو تعميق الارتباط بالولي، ليكون محور الحركة الاجتماعية والفردية في الحياة.
ولنتوقع من الجهلة والمغرضين أن لا يفهموا من مثل هذا الكلام إلا أنه دعوة لتعطيل العقل والإبداع وكبت الحريات. فهؤلاء لا يفهمون من ولاية الفقيه سوى ما كتبه بعض الصحفيين الذين خلطوا بين مبدأ الطاعة المطلقة للولي والسعي الحثيث لبلوغ الكمال في ظل الحرية.
فالارتباط بالولي الفقيه هو السير الواقعي والقوي نحو الكمال والمجد والعزة والحرية التي ينشدها الإنسان. لأن المشروع الأول لهذا الفقيه القائد هو تحرير الناس من العبودية والتبعية للطواغيت والشهوات. وهو يعلم جيداً أن تحقق الأهداف العظيمة للإسلام لا يمكن في ظل هذه العبودية والرق. وما أروع وصف القرآن الكريم لحركة النبي الأكرم "صلى الله عليه وآله وسلم": {.. ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم}.
إن الاعتقاد بهذه الرابطة هو نفس الاعتقاد بالحرية والإبداع والتكامل. وهذا الارتباط هدفه لتأمين الأجواء والظروف التي تخرج القابليات الكامنة إلى الفعلية والتحقق.
وتصوروا فئتين جامعيتين: فئة تجتمع لتتباحث فيما بينها في القضايا التي تحيط بها والتي تهمها، وفئة أخرى تجتمع لتتباحث في تحقيق أفضل السبل للارتباط بالولي الفقيه القائد العام الخبير والاهتداء بهدية في القضايا التي تهمها.
الأولى: خبرتها وعلمها ونظراتها محدودة بها. كما أن تلمسّها للقضايا والحاجات ينطلق من تجربتها المحدودة. والأبرز أن طرحها للحلول ينبع من عملها هي.
والثانية: ارتبطت بالقائد الذي له الباع الطويل والخبرة الواسعة بقضايا المجتمع وشؤونه ومستقبله وحاجاته والمخاطر المحيطة به. كما إنها تستلهم من العالم الفقيه الحلول وتأخذ منه الموقف العلمي، وهو يمثل الشريعة الإلهية.
فالارتباط بالولي يعني الاهتداء والنورانية والبصيرة والوعي وفتح الأبواب وشق الطرقات وإزالة الموانع وتفعيل الطاقات وتأجيج القابليات وتكبير الهموم ورفع الهمم وإحياء العقول ووحدة الصفوف ومنع الاختلافات والنزاعات و...
ولا شك إن هناك مراتب للارتباط. أدناها أن يرجع المتخاصمون إلى الولي عند تنازعهم واختلافهم حول قضية ما. وأعلاها أن يذوب الجميع في فكره ومشروعه الذي هو الإسلام وبرامجه وأهدافه.
وعلى العاملين في ساحة الجهاد الجامعي أن يأخذوا بعين الاعتبار هذا التدرج، ويعملوا عليه من خلال الفكر والثقافة والتعلم. فالواجب علينا أن نخرّج الطاقات الفاعلة والولائية أيضاً.


المصدر :
http://www.islamtimes.org/vdcb89b8.rhbz5pukur.html

Ms. Vampire
09-09-2010, 03:34 AM
لي رجعة للتأمل في الموضوع smile1:

S.Hussain
09-09-2010, 10:32 AM
قد نعود ، ( :sweatdrop: )

nainawa
13-09-2010, 04:24 AM
وآجد طويييييييييييييييييييييييييييل:sweatdrop:
الموضووووووووعbounce233bounce233

متى نراك
13-09-2010, 11:07 AM
أحسنتم

فعلاً تم وضع النقاط على الحروف

لم ألحظ ان المقال طويل فكلما قرأت سطراً أزددت شوقاً ان أكمل السطر التالي
لإن تلك الكلمات كانت من وحي فكر السيد الإمام الراحل ومن فكر السيد القائد حفظه الله

~ANWAR~
25-09-2010, 12:06 PM
جعلنا الله من السائرات على درب السيد القائد ..

رعاك الله بعينه التي لا تنام ..

جزيتِ خيراً

* بنت الهدى*
25-09-2010, 12:08 PM
شكرٌ لكل من حطت رحاله هنـا :laugh: