iDesign
23-08-2009, 04:52 PM
السلام عليكم
أضع بين يديكم قصتي الأولى في الملتقى
و الحائزة على المركز الرابع في مسابقة سينما سرد (https://students-bh.com/vb/showthread.php?t=2158):1414:
http://www.youtube.com/watch?v=g-cFHeoXAw8&eurl=http%3A%2F%2Fstudents%2Dbh%2Ecom%2Fvb%2Fnewth read%2Ephp%3Fdo%3Dpostthread%26f%3D76&feature=player_embedded
حينَ لا تكونُ الأرضُ سوى منفًى آخر
بقلمي و لا أجيز نسخه
لا أعلم لِمَ لا تكفّ هذه الحياة عن جذبي .. ما زلتُ معلَّقًا بين يباب الأرض و الجنّة التي ترفرف إليها أناي دونما كلل . الشّريط لا ينفكّ يعيد نفسه مرارًا و تكرارًا أمام مرآي ، أتنفّس فيه روح الكواكب الآفلة ، و لا أشاهدُ فيه سوى تمهيد لموتٍ يشبهني ..
لأنّني الوصيّة الوحيدة بعد عيون والديّ ، كانت لانا أختي – تلك التي تسربلت بعزائم الرّجال – تعودُ كلَّ مساءٍ إلى الدّار التي لم تسلمْ من يد البلى هي الأخرى تلتقطُ نفير الأكسجينات المتطايرة بعد نفاد مخزونها منه ، فمنذ طلوع الشّمس تمتطي الأرض الجدباء - التي اشتعلت على ظهرها لعنة اليباس و لم تعرفْ طريقًا للشّجر و لا للغيم بعد - بحثًا عمّا ينفع لاستخدامنا أو للبيع على الأحياء من ساكني هذه الأرض على بُعد أميالٍ شاسعة ..
في مساء بات يتلو سورة الشّوق ، صافحتني لانا بمصباح يدويٍّ كفّارةً عن غيابها طوال اليوم ، أما هيَ فاستأثرتْ لنفسِها مسجِّلاً يحتضنُ فتنةَ الأمس التي أشمُّ فيها عبقَ الصُّحبة المبتورة ، يضجّ ببراءةٍ قضت نحبها . رجوتُها أن أقبّل كعبة الذّكرى ، و لكن كالعادة لا يُسمَح لي بأن أفعل أيَّ شيءٍ ! " لا زلتَ صغيرًا " ، " إنّ الأمر خطير " ، " ستخرّبه حتمًا ! " و هكذا ترهات ..
ذلك المساء ذاب سريعًا في الأثير ليطلع فجرًا جديدًا يشفع لجنوني الذي سلبني منّي .. تناولتُ المسجِّل من الرّفِّ العُلويّ و مضخّة الأكسجين و دلفتُ قبل أن تصحو لانا . أعلمُ أنّها ستصابُ بهستيريا خبيثة .. كلّ هذا لأجل الحبَّ المعتَّق بين الضّلوع فحسب ..
سرتُ طويلاً و أنا أتأمّل ما حولي في ذهول ، كلُّ شيءٍ تحيطه هالةٌ صفراء تزيده وقارًا ، يندبُ حاله الذي اكتسى بالغربة .
هنا ، نعم هنا تمامًا كانت تقف حمائمُ وديعة على سلك الكهرباء ، تدندنُ و تغرّد حتّى يتقاطر تغريدها في مسامع المارّة شهدًا .. لا بدّ أنّ أجنحة الموت اليوم قد أخذتهم إلى مكان بعيد بعيد جدًا ، و تركت لنا شَدْوَها الذي يستمرئنا حسرةً ..
و هذه البحيرة التي كنّا نرتادها كلَّ أَحَد مع الأسرة ، كنتُ أقلّب فيها الماء برجليَّ السليمتين و ابتسامة استُئصِلت من جذورها لينبت مكانها شبح الحزن المزمن .
المسجِّل يتذكّر جيّدًا صوت بوق السيّارة التي لطالما تمنّيتُ و أترابي أن يكون لكلِّ واحد منا واحدة مثلها عندما نكبر .. كما خلّد في ذاكرته نداء الكنيسة الرّوحانيّ و وجه الرّاهبة التي تحيّينا عند الباب .
ربّاه ، هل تنافسُ هذه الآلات ذاكرة الإنسان ؟
خطواتي العجوز شيّعتني إلى المدرسة التي لم ترضَ أن أعتمر الألم وحدي بل شاركتنيه ...
أعدتُ تشغيل المسجِّل على مقطع الأطفال الصّاخبين بالأنس ، مرحى مرحى ! سألعب معكما ! و كـ إيماءةٍ بالموافقة أطلق أحدهما طائرة ورقيّة فرعت جناحَيْها بأريحيّة و حلّقت عاليًا ، حتّى لامست خدود الشّبّاك المهشّمة .
رأيتُني في غمرة الهشيم مكمَّمًا بمضخّة الأكسجين .. ،
لا بدّ أنّ لانا الآن تبحث عنّي .. رويدكِ عزيزتي لا تستعجلي ، سألعب معهما تحت ظلال الشّمس ، دون قيود ، دون عوائق ، و دون أكسجين إنْ لزم !!
حللتُ الإزار ، و اعتمرتُ قبّعة ورديّة بدلاً من السّوداء و الزّجاج من حولي لملم شعثه ، و ابتدأ عهدي منذ تلك اللّحظة بساقي الطّبيعيّة تردّد ملحمةً تأبى الانتهاء ..
لماذا أتيتِ يا لانا ؟ أ لتجعليني معلّقًا بين اليباب و الجنّة ؟
و لا يزال الشريط يعيدُ نفسه ، يجدِّدُ موتي ،
حتّى التفّ على أنفاسه ..
و صمت أخيرًا ..
- تمّت -
تحياتي ،،
أضع بين يديكم قصتي الأولى في الملتقى
و الحائزة على المركز الرابع في مسابقة سينما سرد (https://students-bh.com/vb/showthread.php?t=2158):1414:
http://www.youtube.com/watch?v=g-cFHeoXAw8&eurl=http%3A%2F%2Fstudents%2Dbh%2Ecom%2Fvb%2Fnewth read%2Ephp%3Fdo%3Dpostthread%26f%3D76&feature=player_embedded
حينَ لا تكونُ الأرضُ سوى منفًى آخر
بقلمي و لا أجيز نسخه
لا أعلم لِمَ لا تكفّ هذه الحياة عن جذبي .. ما زلتُ معلَّقًا بين يباب الأرض و الجنّة التي ترفرف إليها أناي دونما كلل . الشّريط لا ينفكّ يعيد نفسه مرارًا و تكرارًا أمام مرآي ، أتنفّس فيه روح الكواكب الآفلة ، و لا أشاهدُ فيه سوى تمهيد لموتٍ يشبهني ..
لأنّني الوصيّة الوحيدة بعد عيون والديّ ، كانت لانا أختي – تلك التي تسربلت بعزائم الرّجال – تعودُ كلَّ مساءٍ إلى الدّار التي لم تسلمْ من يد البلى هي الأخرى تلتقطُ نفير الأكسجينات المتطايرة بعد نفاد مخزونها منه ، فمنذ طلوع الشّمس تمتطي الأرض الجدباء - التي اشتعلت على ظهرها لعنة اليباس و لم تعرفْ طريقًا للشّجر و لا للغيم بعد - بحثًا عمّا ينفع لاستخدامنا أو للبيع على الأحياء من ساكني هذه الأرض على بُعد أميالٍ شاسعة ..
في مساء بات يتلو سورة الشّوق ، صافحتني لانا بمصباح يدويٍّ كفّارةً عن غيابها طوال اليوم ، أما هيَ فاستأثرتْ لنفسِها مسجِّلاً يحتضنُ فتنةَ الأمس التي أشمُّ فيها عبقَ الصُّحبة المبتورة ، يضجّ ببراءةٍ قضت نحبها . رجوتُها أن أقبّل كعبة الذّكرى ، و لكن كالعادة لا يُسمَح لي بأن أفعل أيَّ شيءٍ ! " لا زلتَ صغيرًا " ، " إنّ الأمر خطير " ، " ستخرّبه حتمًا ! " و هكذا ترهات ..
ذلك المساء ذاب سريعًا في الأثير ليطلع فجرًا جديدًا يشفع لجنوني الذي سلبني منّي .. تناولتُ المسجِّل من الرّفِّ العُلويّ و مضخّة الأكسجين و دلفتُ قبل أن تصحو لانا . أعلمُ أنّها ستصابُ بهستيريا خبيثة .. كلّ هذا لأجل الحبَّ المعتَّق بين الضّلوع فحسب ..
سرتُ طويلاً و أنا أتأمّل ما حولي في ذهول ، كلُّ شيءٍ تحيطه هالةٌ صفراء تزيده وقارًا ، يندبُ حاله الذي اكتسى بالغربة .
هنا ، نعم هنا تمامًا كانت تقف حمائمُ وديعة على سلك الكهرباء ، تدندنُ و تغرّد حتّى يتقاطر تغريدها في مسامع المارّة شهدًا .. لا بدّ أنّ أجنحة الموت اليوم قد أخذتهم إلى مكان بعيد بعيد جدًا ، و تركت لنا شَدْوَها الذي يستمرئنا حسرةً ..
و هذه البحيرة التي كنّا نرتادها كلَّ أَحَد مع الأسرة ، كنتُ أقلّب فيها الماء برجليَّ السليمتين و ابتسامة استُئصِلت من جذورها لينبت مكانها شبح الحزن المزمن .
المسجِّل يتذكّر جيّدًا صوت بوق السيّارة التي لطالما تمنّيتُ و أترابي أن يكون لكلِّ واحد منا واحدة مثلها عندما نكبر .. كما خلّد في ذاكرته نداء الكنيسة الرّوحانيّ و وجه الرّاهبة التي تحيّينا عند الباب .
ربّاه ، هل تنافسُ هذه الآلات ذاكرة الإنسان ؟
خطواتي العجوز شيّعتني إلى المدرسة التي لم ترضَ أن أعتمر الألم وحدي بل شاركتنيه ...
أعدتُ تشغيل المسجِّل على مقطع الأطفال الصّاخبين بالأنس ، مرحى مرحى ! سألعب معكما ! و كـ إيماءةٍ بالموافقة أطلق أحدهما طائرة ورقيّة فرعت جناحَيْها بأريحيّة و حلّقت عاليًا ، حتّى لامست خدود الشّبّاك المهشّمة .
رأيتُني في غمرة الهشيم مكمَّمًا بمضخّة الأكسجين .. ،
لا بدّ أنّ لانا الآن تبحث عنّي .. رويدكِ عزيزتي لا تستعجلي ، سألعب معهما تحت ظلال الشّمس ، دون قيود ، دون عوائق ، و دون أكسجين إنْ لزم !!
حللتُ الإزار ، و اعتمرتُ قبّعة ورديّة بدلاً من السّوداء و الزّجاج من حولي لملم شعثه ، و ابتدأ عهدي منذ تلك اللّحظة بساقي الطّبيعيّة تردّد ملحمةً تأبى الانتهاء ..
لماذا أتيتِ يا لانا ؟ أ لتجعليني معلّقًا بين اليباب و الجنّة ؟
و لا يزال الشريط يعيدُ نفسه ، يجدِّدُ موتي ،
حتّى التفّ على أنفاسه ..
و صمت أخيرًا ..
- تمّت -
تحياتي ،،