فحدق إلي هنيهة ثم قال بلهجة ملؤها القنوط والمرارة :منذ البدء والأطباء يحاولون إنقاذ العليل من علته . فمنهم من جاء بالمباضع و منهم من جاء بالأدوية والمساحيق , ولكنهم ماتوا جميعاً دون رجاء ولا أمل , ويا ليت عليل الدهور يكتفي بملازمة مضجعه القذر و مؤانسة قروحه المزمنة , ولكنه يمد يده من بين اللحف ويقبض على عنق كل من يزوره ممرضاً ويخنقه.
والأمر الذي يغيظني ويحول الدم في عروقي إلى نار محرقة هو أن ذلك العليل الخبيث يقتل الطبيب ثم يعود فيغمض عينيه قائلاً لنفسه : لقد كان بالحقيقة طبيباً عظيماً ... لا يا أخي , ليس بين الناس من يستطيع أن ينفع الناس , فالحارث وإن كان حكيماً ماهراً لا يقدر على استنبات حقله في أيام الشتاء .
العواصف ل جبران خليل جبران
|