عرض مشاركة واحدة
قديم 06-08-2013, 04:42 PM   رقم المشاركة : ( 18 )
Sayda2
طالب متفوق

الصورة الرمزية Sayda2

الملف الشخصي

رقــم العضويـــة : 38006
تاريخ التسجيل : 19-01-2012
المشاركـــــــات : 631 [+]
الـــــــــــتخصص : طالب جامعي
الـــــــــــجـامعة : UOB

 اخر مواضيع العضو

Sayda2 غير متواجد حالياً

افتراضي






|[ مفهوم الهروب إلى الله ...


- "وأنا يا سيدي عائد بفضلك، هارب منك إليك.." إن مفهوم الهروب مستجمع لاركان ثلاثة: فالأول:
ما يُهرب منه، والثاني: ما يُهرب إليه، أما الثالث: فهو سبب الهروب.. فالإنسان عندما يهرب إنما هو يهرب
من شيء، ويلوذ بشيء، وهو في هذه الحالة من الهروب من جهة إلى جهة، يعيش حالة الخوف والوجل
لسبب ما.. كالإنسان الهارب من حيوان مفترس، من الطبيعي أن تراه يلوذ بجهة مأمونة، والذي دفعه إلى
ذلك هو الحالة التي استشعرها في نفسه، من خوف الضرر من هذا الحيوان، والتي جعلته يسارع في
الفرار..


فإذن، إن طبيعة الهرب يلازمها الحركة والالتجاء. فالذي يهرب إلى الله تعالى، لا بد وأنه يخاف من شيء،
والخوف هنا إنما هو من غضب الله تعالى.. ورب العالمين نحن لا نخاف من ذاته، وإنما نخاف من عذابه
ونقمته، ذلك العذاب الذي يترتب على فعل العبد نفسه..


ولهذا فإن القرآن الكريم يجعل الخوف من مقام الرب، هو السبب المحرك لتهذيب النفس، في قوله تعالى:
{وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى..}، فمقام الرب، هو ذلك الشيء الضي يخاف منه هيبة ووجلا..


والإنسان إذا كان صادقًا في الخوف من غضب الله تعالى، فلا بد ان يتحرك، ولا بد ان يرحل ويمشي ويسير،
ولكن إلى من يلتجئ؟ وبمن يلوذ؟ لا شك في ان الجواب: أن العبد لا ملجأ له من الله تعالى إلا إليه، فهو
القائل تعالى: {ففروا إلى الله}.. فهو يفر منه، إليه.. يفر منه بوصف المنتقمية والغضب؛ ويهرب إليه بوصف
الرحمانية والرحيمية.. فإذن، الإنسان الذي يعيش هذه الحقيقة من الخوف، فهو ي حركة دائبة إلى
الله تعالى.


ومن هنا يأتي معنى الإستعاذة الحقيقية.. وعلماء الأخلاق يشبهون الذي الذي يكتفي بمجرد الإستعادة
لفظًا: بإنسان في صحراء، وفي هذه الصحراء حيوان مفترس، وأمامه حصن حصين ينجيه من هذه المخاطر،
ولكنه يكتفي بالإستعاذة من صاحب هذا الحصن، وهو قابع في مكانه!! فهذا الإنسان بلا شك لم يقم بحركة
واقعية، فسيكون مصيره الافتراس.. فإذن، الذي يستعيذ بالله من شر الشيطان، ومن شر نفسه، ولا
يقوم بحركة واقعي في الالتجاء إلى الله عز وجل، فإنه يعد واقعًا مستهزئًا بنفسه..


- "وما انا يا رب وما خطري.." ثم إن الإمام (ع) يعبر بهذه العبارة المختصرة والتي تحمل زخمًا عاطفيًا كبيرًا،
حيث يقول (ع): يا رب، أنا ما وزني عندك حتى أكون من الذين تصب عليهم الغضب والانتقام؟!..
ومن المعلوم أن الإنسان - عادة - عندما يعاتب أحدًا، فإنما يعاقبه لأن له وزنه وقيمته.. في حين نرى في بعض
الأوقات تجاوز الكريم عن هفوات الصبي وإن قذفه بكلام بذيء؛ لأن الصبي لا وزن له عند الكريم فلهذا
هو لا يعبأ بكلامه..



وحقيقة ان الإنسان إذا عاش هذه العبارة بتذلل، واستشعر حقارة ذاته، الذي هو نقطة ضائعة في هذا
الوجود المترامي الأطراف من الذرة إلى المجرة، فإن هذه الإحساس بهذه الحقارة من موجبات نزول الرحمة
الإلهية الغامرة، ولكن بشرط الصدق والجدية في الفكر والمشاعر..




رزقنا الله تعالى وإياكم ذلك بمنه وكرمه!..




توقيع » Sayda2
-
اعمَل لـ دنيَاكـ كأنّكَـ تعِيشُ أبدًا!
واعمَل لـ آخِرَتِكـ كأنّكَـ تمُوت غدًا!

- أمِير البلغآء "ع" -

  رد مع اقتباس